"فى ستين داهية".. حكاية مقولة يعود أصلها لما قبل الإسلام.. فما مناسبة قولها
عرفت جملة "فى ستين داهية"، على أنها إشارة لعدم الإهتمام، واللامبالاة على ما ضاع أو فات كعادة العرب في نقل الأخبار والأقوال والمأثورات عن بعضهم وتم تداول المقولة على هذه الحال وليس للمعنى الأصلي لها الذي ورد على لسان قيس بن مكشوح والذي كان يرمز بها إلى المقابلة والتساوي في مقدار حجم الخسائر التى تكبدتها قبيلته اليمنية.
أصل الحكاية ؟
تعود بداية القصة إلى ما قبل الإسلام، في اليمن حيث كانت الحروب قائمة بين قبيلتي “مذحج” و”همدان” ولكن دائمًا ما كانت تفوز قبيلة مذحج في القتال مما جعل قبيلة همدان تلجأ إلى الاستعانة بالفرس حيث أقاموا الخطط والترتيبات للإيقاع بقبيلة مدحج وكبار مشايخهم وكانت الخطة هي أن يقوم الهمدانيون باستدراج مشايخ قبيلة “مذحج” الذين عرفوا بالذكاء والدهاء وطرح فكرة الحوار بدون حمل السلاح وقد استجاب ستون شيخًا من كبار مشايخ قبيلة مذحج للفكرة ووقعوا في الشرك الذي نصبه أبناء قبيلة همدان بمعاونة الفرس، وعندما حانت اللحظة قام الهمدانيون بقتل المشايخ وتفرقت بعدها القبيلة وكان أحد فرسان هذه القبيلة هو قيس بن مكشوم.
وقالها قيس بن المكشوح المرادي حينما قرر الثأر لقومه ولمشايخ قبيلته الذين قتلهم أبناء قبيلة همدان فما كان منه إلا أن أخذ بالثأر وقتل منهم ما قتل وعندما عوتب في الأمر وسئل عن السبب في قتله لهذا العدد أجاب أنهم راحوا في ستين داهية أي أن من قتل، قتل ثأرًا لستون داهية من مشايخ قبيلة مذحج.
وحينما سمع قيس بن مكشوح بخبر الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حضر بين يديه وأعلن إسلامه وقد حسن إسلامه ثم عاد مرة أخرى إلى اليمن ولما حدثت الردة في كثير من القبائل المسلمة أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيس لقتال من ارتد من أهل اليمن، أصر وقتها قيس بن مكشوح أن يثأر لقومه من قبيلة همدان لما كان من غدرهم بكبار مشايخ قبيلته وقتلهم لهم وهم عزل بدون سلاح باستخدام الخديعة والمكر، فما كان منه إلا أن ثار لهم وصارت أعداد القتلى تتزايد واحدًا تلو الآخر، ثم قام بحصار قصر “فيروز الديلمي” الفارسي في صنعاء وجعل في مدخل صنعاء مركز لقتال أي رجل ينتمي إلى الفرس أو قبيلة همدان حتى جاء كبار وعلية القوم للوساطة بين الفريقين وقد عاتبوا قيس على الخراب والدمار الذي أوقعه الهمدانيين وكثرة أعداد القتلى فما كان من قيس إلا أن أجاب بجملة مختصرة حملت الكثير من المعاني وهي “في ستين داهية” والمعنى أن كل من قتلوا وماتوا وكل هذا الخراب مقابل موت ستين داهية من دواهي قبيلته.