قرة الأعين
المؤمن سعى دائما إلى أن تقر عينه في الدنيا بطاعة الله تعالى , وبرؤية من يحب على أحسن حال وأفضل مآل , كما تقر عينه في الآخرة برضا الله تعالى ورؤية وجهه في الجنة ,ففي الدنيا يستشعر المؤمن ويرى قرة عينه حينما يقف بين يدي الله تبارك وتعالى يناجيه ويناديه , فيحسن الركوع والسجود والدعاء والخشوع , عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ أَنَسٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا : النِّسَاءُ ، وَالطِّيبُ ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ. أخرجه أحمد 3/128(12318) و3/199(13088).
كما أنه في الدنيا تقر عينه برؤية أهله وولده ومن يحب على حسن الطاعة والاستقامة لله رب العالمين , كما قال تعالى على لسان المؤمنين الصالحين: \" وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76) سورة الفرقان .
قال صاحب البحر المحيط ( 8/396 ) : قرة أعين ؛ كناية عن السرور والفرح ، وهو مأخوذ من القر وهو البرد.يقال : دمع السرور بارد ، ودمع الحزن سخن ، ويقال : أقر الله عينك ، وأسخن الله عين العدو.وقال أبو تمام :
فأما عيون العاشقين فأسخنت * * * وأما عيون الشامتين فقرت
وقيل : مأخوذ من القرار أي يقر النظر به ولا ينظر إلى غيره.
وقال ابن عباس : قرة عين الولدان تراه يكتب الفقه والظاهر أنهم دعوا بذلك ليجابوا في الدنيا فيسروا بهم.
ثم تكون قرة العين في الآخرة حينما يدخل المؤمن الجنة ويأنس بقرب ربه , ويحيا حياة أبدية خالدة في النعيم الذي لا ينتهي , والسعادة التي لا تنقطع , قال تعالى : \" وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (108) سورة هود.
عن أبي حازم , قال : سمعت سهل بن سعد الساعدي , يقول: شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , مجلسا وصف فيه الجنة , حتى انتهى , ثم قال صلى الله عليه وسلم , في آخر حديثه : فيها ما لا عين رأت , ولا أذن سمعت , ولا خطر على قلب بشر , ثم قرأ هذه الآية : \" تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ فلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ\". سورة السجدة . أخرجه أحمد 5/334(23214) و\"مسلم\" 8/143(7237)..