حواء زوج آدم عليه السلام
سيدنا آدم عليه السلام نبي لا ريب يؤكد نبوته أنه أبو البشر , وأساس بداية الإنسان , ويؤكده أنه بلغ أولاده دعوة التوحيد وأوامر العلي الأعلى التي أمرها الله عز وجل بها في قوله { فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } البقرة 38 – 39 .
وفي قوله تعالى : { فمن اتّبع هداي فلا يضل ولا يشقى * ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى * قال ربِّ لمَ حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تُنسى } طه 123- 126 .
وواضح من معركة الحسد الكبرى التي أشعلها قابيل مع أخيه هابيل أنهما تعلما دروسا في أمراض القلوب وآفات النفوس طبقها هابيل وعصاها قابيل , قال رب العالمين : { واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتُقبل من أحدهما ولم يُتقبل من الآخر قال لأقْتلنّك قال إنما يتقبل الله من المتقين * لئن بسطت إليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك إني أخاف الله رب العالمين * إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النّار وذلك جزاء الظالمين * فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين } المائدة 27-30 .
هذه المحاورة الإيمانية تعلمها الولدان من أبيهما – عليه السلام - .
وشهدت الأحاديث النبوية بنبوة آدم – عليه السلام – وروى الترمذي : أن النبي - صلى الله عليه وسلم – ففي حديث الشفاعة الطويل " ... فأول ما يأتون إلى آدم – عليه السلام – " .
وهذا عند طلب الشفاعة من الأنبياء , وروى الترمذي أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : " ما من نبي يومئذ آدم وما سواه إلا تحت لوائي ".
إبليس.... وآدم وحواء( عليهما السلام ) :
ذكر الله تعالى قصة آدم وإبليس في سبع سور وهي حسب ترتيب المصحف الشريف :
البقرة – الأعراف – الحجر – الإسراء – الكهف – طه – ص .
وحسب ترتيب النزول :
ص – الأعراف – طه – الإسراء – الحجر – الكهف – البقرة .
وجاءت الإشارة إلى حواء في سورالبقرة والأعراف وطه .
ولنقف هذه الوقفة مع المعاني التي تدخل فيها حواء – عليها الرضوان – قوله تعالى : { ولا تقربا هذه الشجرة } لاشبهة في أنه نهي , ولكن فيه بحثان :
البحث الأول : أن هذا نهي تحريم أو نهي تنزيه فيه خلاف , فقال قائلون : هذه الصيغة لنهي التنزيه وهذا كلام باطل . وقال قائلون النهي نهي تحريم وهذا هو الحق لوجوه : أن قوله تعالى : { ولا تقربا هذه الشجرة } كقوله تعالى { ولا تقربوهن } وقوله تعالى { ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } فكما أن هذا التحريم فكذا الأول .
وثانيهما : أنه قال تعالى : { فتكونا من الظالمين } معناه إن أكلتما منها فقد ظلمتما أنفسكما ألا تراهما لما أكلا { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا } .
وثالثهما : أن هذا النهي لو كان نهي تنزيه لما استحق آدم – عليه السلام – بفعله الإخراج من الجنة ولما وجبت التوبة عليه .
البحث الثاني : قال قائلون : قوله تعالى : { ولا تقربا هذه الشجرة } يفيد بفحواه النهي عن الأكل , وهذا ضعيف , لأن النهي عن القرب لا يفيد النهي عن الأكل , إذ ربما كان الصلاح في ترك قربها , مع أنه لو حمل إليه لجاز له أكله , بل الظاهر يتناول النهي عن القرب .
وأما النهي عن الأكل فإنما بدلائل أخرى وهي قوله تعالى في غير هذا الموضع : { فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما } . لأنه صدر الكلام في باب الإباحة بالأكل فقال : { وكلا منها رغدا حيث شئتما } . فصار ذلك كالدلالة على أنه تعالى نهاهما عن أكل ثمرة تلك الشجرة , لكن النهي عن ذلك بهذا القول يعم الأكل وسائر الانتفاعات , ولو نص على الأكل ما كان يعم كل ذلك ففيه مزيد فائدة .
أما الشجرة التي أكل منها آدم وحواء قيل : هي البر والسنبلة , وقيل :التين , وقيل شجرة من أكل منها أحدث , وقيل الكرم , والأصوب : رد علمها إلى الله إذ لم يبينها .