الحديث الأول :
عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه قال أبو عيسى هذا حديث حسن ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت .
رواه الترمذي في السنن برقم 744 ? في كتاب الصوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ? باب ما جاء في صوم يوم السبت .و رواه أبو داود في السنن برقم 2421 ? كتاب الصوم ? باب النهي أن يخص يوم السبت بصوم .وقال أبو داود وهذا حديث منسوخ .
قال الإمام أبو داود : حدثنا عبد الملك بن شعيب حدثنا ابن وهب قال سمعت الليث يحدث عن ابن شهاب أنه كان إذا ذكر له أنه نهى عن صيام يوم السبت يقول ابن شهاب هذا حديث حمصي ،حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان حدثنا الوليد عن الأوزاعي قال ما زلت له كاتما حتى رأيته انتشر يعني حديث عبد الله بن بسر هذا في صوم يوم السبت قال أبو داود قال مالك هذا كذب .في السنن برقم 2423 في كتاب الصوم باب الرخصة في ذلك .
ورواه أحمد في المسند برقم 26035 .و رواه الإمام الدارمي في السنن برقم 1749 في كتاب الصوم باب في صيام يوم السبت .
واعلم أن حديث الصماء حديث صحيح قد صححه جمع من علماء الحديث كالإمام الحاكم وابن السكن والنووي والألباني وغيرهم .وقد جمع طرق حديث الصماء الشيخ الألباني عليه رحمة الله تعالى في كتابه الماتع إرواء الغليل،فراجعه فإنه فريد عزيز .
الحديث الثاني :
عن أبي هريرة مرفوعاً : لا تقدموا شهر رمضان بصوم قبله بيوم ولا يومين إلا أن يكون رجل كان يصوم صوما فليصمه .
أخرجه البخارى (2/676 ، رقم 1815)،و أخرجه أحمد (2/477 ، رقم 10187) ، ومسلم (2/762 ، رقم 1082) ، وأبو داود (2/300 ، رقم 2335) ، والترمذى (3/69 ، رقم 685) وقال : حسن صحيح . والنسائى (4/149 ، رقم 2173) ، وابن ماجه (1/528 ، رقم 1650) ، وابن حبان (8/352 ، رقم 3586) . وأخرجه أيضًا : الشافعى (1/187) ، وابن أبى شيبة (2/285 ، رقم 9036) والدارمى (2/8 ، رقم 1689) ، وابن الجارود (1/103 ، رقم 378) .
شراح الحديث :
قال المباركفوري : قوله ( لا تصوموا يوم السبت أي وحده إلا فيما افترض عليكم ) بصيغة المجهول
قال الطيبي قالوا النهي عن الافراد كما في الجمعة والمقصود مخالفة اليهود فيهما والنهي فيهما للتنزيه عند الجمهور وما افترض يتناول المكتوب والمنذور وقضاء الفوائت وصوم الكفارة وفي معناه ما وافق سنة مؤكدة كعرفة وعاشوراء أو وافق وردا ،وزاد بن الملك وعشرة ذي الحجة أو في خير الصيام صيام داود . تحفة الأحوذي [3 /372]
وقال المناوي : وسيأتي في حديث النهي عن صومه وحده نعم إن وافق ذلك سنة مؤكدة كما إذا كان يوم عرفة أو عاشوراء فيتأكد صومه
فيض القدير [4 /230] ،وقال أيضاً :قال القاضي : ويستثنى ما إذا وافق سنة مؤكدة كأن كان السبت يوم عرفة أو عاشوراء اهـ .فيض القدير [6 /334]
المذاهب الفقهية :
الحنفية
أي يكره تعمد صومه ( يعني يوم السبت )،إلا إذا وافق يوما كان يصومه قبل كما لو كان يصوم يوما ويفطر يوما أو كان يصوم أول الشهر مثلا فوافق يوما من هذه الأيام .حاشية ابن عابدين [2 /376]
الشافعية
قال النووي : والصواب على الجملة ما قدمناه عن أصحابنا أنه يكره إفراد السبت بالصيام إذا لم يوافق عادة له لحديث الصماء
المجموع [6 /452]
قال في مغني المحتاج :
تنبيه محل كراهة إفراد ما ذكر إذا لم يوافق عادة له فإن كان له عادة كأن اعتاد صوم يوم وفطر يوم فوافق صومه يوما منها لم يكره كما في صوم يوم الشك ولخبر مسلم لا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم ، وقيس بالجمعة الباقي.
مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج [1 /447]
الحنابلة
قال ابن قدامة : قال أصحابنا يكره افراد يوم السبت بالصوم لما روى عبد الله بن بسر .... وإن وافق صوما لإنسان لم يكره
المغني [3 /105]، والكافي [1 /363]
و ) يكره تعمد ( إفراد يوم السبت ) بصوم ....( إلا أن يوافق ) يوم الجمعة أو السبت ( عادة ) كأن وافق يوم عرفة أو يوم عاشوراء ،وكان عادته صومهما فلا كراهة ،لأن العادة لها تأثير في ذلك .كشاف القناع عن متن الإقناع [2 /341]
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الاقتضاء:
وعلى هذا فيكون قوله لا تصوموا يوم السبت أي لا تقصدوا صيامه بعينه إلا في الفرض فإن الرجل يقصد صومه بعينه بحيث لو لم يجب عليه إلا صوم يوم السبت كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت فإنه يصومه وحده ، وأيضا فقصده بعينه في الفرض لا يكره بخلاف قصده بعينه في النفل فإنه يكره ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره إليه أو موافقته عادة فالمزيل للكراهة في الفرض مجرد كونه فرضا لا للمقارنة بينه وبين غيره وأما في النفل فالمزيل للكراهة ضم غيره إليه أو موافقته عادة ونحو ذلك .اقتضاء الصراط [ص 265] مطبعة السنة المحمدية – القاهرة ،الطبعة الثانية ، 1369
الخلاصة :
إفراد يوم السبت بالصيام:
إن أفرد الصائم يوم السبت بالصوم فقد اختلف الفقهاء في حكمه على قولين:
الأول: ذهب الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة في المذهب إلى كراهة إفراد يوم السبت بالصوم ، لحديث عبدالله بن بسر رضي الله عنه عن أخته الصماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، وإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه" .وزاد الحنفية أنه يكره تحريما إفراد يوم السبت بالصوم إذا قصد الصائم بصومه التشبه باليهود .
الثاني: ذهب مالك، إلى جواز صيامه منفردا بلا كراهة ،وهو اختيار بن تيمية، وقال المرداوي: لم يذكر الآجري كراهة غير صوم يوم الجمعة، فظاهره لا يكره غيره .
• وصرح الحنفية والحنابلة والشافعية بأن صوم يوم السبت لا يكره إن وافق يوماً كان يصومه قبل ذلك .
قال ابن هبيرة : واتفقوا على أنه يكره إفراد الجمعة أو السبت بصوم إلا أن يوافق عادة .اختلاف الأئمة العلماء [1 /256]
الفتاوى
صيام يوم السبت إذا وافق يوم عرفة
المجيب عبد العزيز بن باز - رحمه الله -
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقاً
كتاب الصيام/صيام التطوع
التاريخ 5/12/1424هـ
السؤال
كثر السؤال حول موضوع صيام يوم عرفة وقد وافق يوم السبت هذا العام، ويستشكل بعضهم أنه ورد في صيام يوم السبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم".
أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيراً.
الجواب
سئل فضيلة الشيخ/ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - عن هذا الحديث فإليك نص الجواب:
الحديث المذكور معروف وموجود في بلوغ المرام في كتاب الصيام، وهو حديث ضعيف شاذ ومخالف للأحاديث الصحيحة، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تصوموا يوم الجمعة إلا أن تصوموا يوماً قبله أو يوماً بعده" ومعلوم أن اليوم الذي بعده هو يوم السبت، والحديث المذكور في الصحيحين. انظر صحيح البخاري (1985), وصحيح مسلم (1144). وكان - صلى الله عليه وسلم - يصوم يوم السبت ويوم الأحد ويقول: "إنهما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم". انظر مسند أحمد (26750), وصحيح ابن حبان (3616). والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، كلها تدل على جواز صوم يوم السبت تطوعاً. وفق الله الجميع، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
[مجموع فتاوى ومقالات متنوعة ابن باز - رحمه الله تعالى - (15/412-413)].
الفتوى رقم ( 11747 )
س: اختلف الناس هنا في صوم يوم عرفة لهذا العام، حيث صادف يوم السبت فمنهم من قال إن هذا يوم عرفة نصومه لأنه يوم عرفة وليس لكونه يوم السبت المنهي عن صيامه، ومنهم من لم يصمه لكونه يوم السبت المنهي عن تعظيمه مخالفة لليهود، وأنا لم أصم هذا اليوم وأنا في حيرة من أمري، وأصبحت لا أعرف الحكم الشرعي لهذا اليوم، وفتشت عنه في الكتب الشرعية والدينية فلم أصل إلى حكم واضح قطعي حول هذا اليوم، أرجو من سماحتكم أن ترشدني إلى الحكم الشرعي وأن ترسله لي خطيا ولكم من الله الثواب على هذا وعلى ما تقدموه للمسلمين من العلم النافع لهم في الدنيا والآخرة.
ج: يجوز صيام يوم عرفة مستقلا سواء وافق يوم السبت أو غيره من أيام الأسبوع لأنه لا فرق بينها؛ لأن صوم يوم عرفة سنة مستقلة وحديث النهي عن يوم السبت ضعيف لاضطرابه ومخالفته للأحاديث الصحيحة.
وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... نائب رئيس اللجنة ... الرئيس
عبد الله بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء [10 /397]
الفتوى رقم ( 13019 )
س: هل يجوز للشخص أن يشرك النية في عمل واحد أو لعمل واحد، فمثلا يكون عليه قضاء يوم من شهر رمضان وجاء عليه يوم وقفة عرفة فهل يجوز أن ينوي صيام القضاء والنافلة في هذا اليوم وتكون نيته أداء القضاء ونية أخرى للنافلة، .....؟ أفتونا أفادكم الله وجزاكم الله خير الجزاء.
ج: لا حرج أن يصوم يوم عرفة عن القضاء ويجزئه عن القضاء، ولكن لا يحصل له مع ذلك فضل صوم عرفة؛ لعدم الدليل على ذلك،...
فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء [10 /397]
سؤال رقم 81621- حكم صوم يوم السبت
ما حكم صوم يوم السبت في غير شهر رمضان وماذا لو صادف يوم عرفة ؟.
الحمد لله
يكره إفراد يوم السبت بالصيام ؛ لما روى الترمذي (744) وأبو داود (2421) وابن ماجه (1726) عن عبد الله بن بسر عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض الله عليكم ، فإن لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة ، أو عود شجرة فليمضغه ) صححه الألباني في "الإرواء" (960) وقال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن ، ومعنى كراهته في هذا أن يخص الرجل يوم السبت بصيام لأن اليهود تعظم يوم السبت " انتهى . و ( لحاء عنبة ) هي القشرة تكون على الحبة من العنب . ( فليمضغه ) وهذا تأكيد بالإفطار .
وقال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (3/52) : " قال أصحابنا : يكره إفراد يوم السبت بالصوم ... والمكروه إفراده , فإن صام معه غيره ; لم يكره ; لحديث أبي هريرة وجويرية . وإن وافق صوما لإنسان , لم يكره " انتهى .
ومراده بحديث أبي هريرة : ما رواه البخاري (1985) ومسلم (1144) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوما قبله أو بعده ). وحديث جويرية : هو ما رواه البخاري (1986) عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الجمعة وهي صائمة ، فقال : ( أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : تريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا . قال : فأفطري ) .
فهذا الحديث والذي قبله يدلان دلالة صريحة على جواز صوم يوم السبت في غير رمضان ، لمن صام الجمعة قبله . وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أحب الصيام إلى الله صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما ) وهذا لا بد أن يوافق السبت منفردا في بعض صومه ، فيؤخذ منه أنه إذا وافق صوم السبت عادة له كيوم عرفة أو عاشوراء ، فلا بأس بصومه ، ولو كان منفردا .
وقد ذكر الحافظ في الفتح أنه يستثنى من النهي عن صوم يوم الجمعة من له عادة بصوم يوم معين ، كعرفة ، فوافق الجمعة . فمثله يوم السبت ، وقد سبق كلام ابن قدامة في هذا .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " وليعلم أن صيام يوم السبت له أحوال :
الحال الأولى : أن يكون في فرض كرمضان أداء ، أو قضاء ، وكصيام الكفارة ، وبدل هدي التمتع ، ونحو ذلك ، فهذا لا بأس به ما لم يخصه بذلك معتقدا أن له مزية .
الحال الثانية : أن يصوم قبله يوم الجمعة فلا بأس به ؛ لأن النبيصلى الله عليه وسلم قال لإحدى أمهات المؤمنين وقد صامت يوم الجمعة : ( أصمت أمس ؟ ) قالت : لا ، قال : ( أتصومين غدا ؟ ) قالت : لا ، قال : ( فأفطري ) . فقوله : ( أتصومين غدا ؟ ) يدل على جواز صومه مع الجمعة .
الحال الثالثة : أن يصادف صيام أيام مشروعة كأيام البيض ويوم عرفة ، ويوم عاشوراء ، وستة أيام من شوال لمن صام رمضان ، وتسع ذي الحجة فلا بأس ، لأنه لم يصمه لأنه يوم السبت ، بل لأنه من الأيام التي يشرع صومها .
الحال الرابعة : أن يصادف عادة كعادة من يصوم يوما ويفطر يوما فيصادف يوم صومه يوم السبت فلا بأس به ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين : ( إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه ) ، وهذا مثله .
الحال الخامسة : أن يخصه بصوم تطوع فيفرده بالصوم ، فهذا محل النهي إن صح الحديث في النهي عنه " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين" (20/57).والله أعلم .
فتاوى الإسلام سؤال وجواب [ص 6159]