حاج سعى بين الصّفا والمَروة فأتى بخمسة أشواط ثمّ خرج من المسعى ولم يتذكّر الشّوطين الباقيين إلاّ بعد أن تحوَّل إلى رِحالِه، فما حكم ذلك؟
أصل مشروعية السّعي بين الصّفا والمَروة في الحجّ ما جاء في الحديث: أنّ إبراهيم عليه السّلام لمّا ترك ابنَه إسماعيل عليه السّلام مع أمِّه هاجر، وحيدين في مكّة، ونَفِذ ما معهما من الزّاد القليل والماء وعطش الابن، قامت هاجر وهي تنظر إلى رضيعها يتلَوَّى، فصعدت الصّفا، وكان أقربَ جبل إليها، تنظر هل ترى أحدًا يغيثهما، ثاّ سَعَت حتّى أتت المَروة، فقامت عليها، نظرت هل ترى من أحد مرّة أخرى، ففعلت ذلك سبع مرّات، قال النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: “فذلك سعيُ النّاس بينهما” رواه البخاري.
قال تعالى: {إنَّ الصَّفَا والمَروَة مِن شعائِر الله فمَن حَجَّ البيتَ أو اعتمَرَ فلا جُناحَ عليهِ أن يطوّف بهما}.
ومن شروط صحّة السّعي أن يكون السّعي سبعة أشواط بحيث يحسب الذّهاب من الصّفا إلى المَروة شوطًا، والرّجوع من المروة إلى الصّفا شوطًا آخر.
ومَن ترك شوطًا من الأشواط السّبعة أو جزءًا من شوط وجب عليه أن يأتي به إن لم يكن الفصل طويلاً، فإن طال الفصل تجب إعادة السّعي كلّه، ويجب الرّجوع إليه ولو رجع المسافر إلى بلده، لأنّه فرض لا يتمّ الحجّ أو العمرة إلاّ به.
وكذلك من المعلوم فقهًا أنّه لا يصحّ السّعي إلاّ بعد طواف واجب أو ركن، وعليه مَن وجب عليه إعادة السّعي لعدم تمامه، وَجَب عليه إعادة الطّواف الّذي قبله حتّى يصحّ، والموالاة بين الطّواف المذكور والسّعي واجب. والله أعلم.
مَن أهَلَّ بالحجّ مُفردًا هل حجّه تام؟ وهل عليه عمرة؟
الإفراد عند علماء المالكية أفضل من التمتُّع والقِران، وهو أن ينوي الحاج الإحرام بالحجّ وحده، وهو صفة حجّة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ففي الصّحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت: “خرجنا مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عامَ حجّة الوَداع، فمِنَّا مَن أهَلَّ بعُمرة، ومنّا مَن أهَلَّ بحجّة وعمرة، ومنّا مَن أهَلَّ بالحجّ، وأهَلَّ رسول الله الحجّ، فأمّا مَن أهلَّ بالحجِّ أو جَمَع الحجَّ والعمرة لَم يَحِلُّوا حتّى كان يومُ النّحر” رواه البخاري.
وبعد الفراغ من الحجِّ يعتمر إذا أراد، للعمل بحديث الرّسول صلّى الله عليه وسلّم: “تابعوا بين الحجّ والعمرة”، وهو ما بكت له عائشة رضي الله عنها وإذن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن تهلَّ بالعُمرة بعد الحجّ من التّنعيم..