لا بد في البداية أن نعرف الفرق بين اسم الفاعل وبين الصفة المشبهة ..
فإذا
أردت مثلا أن تصف شخصا بضيق الصدر ، ولكن ذلك الضيق حادث وطارئ ، أي أنه
ضاق صدره في وقت من الأوقات فتقول : (فلان ضائقٌ صدرُهُ) ..
وإذا أردت أن تصفه بضيق الصدر ، ولكن ذلك الضيق ثابت فيه ودائم ، أي منذ أن عرفته وهو كذلك فتقول : (فلان ضَيِّقٌ صدرُهُ) ..
فالجملة الأولى جاءت على صيغة اسم الفاعل ..
والجملة الثانية جاءت على صيغة الصفة المشبهة ..
فاسم
الفاعل يصاغ للدلالة على الحدوث أي أنك عندما تصوغ اسم الفاعل من الفعل
فإنك تريد أن تخبر عن شخص بأمر متجدد وليس ثابتا ، كقولنا : (مررت برجل
حازمٍ أمتعتَه) وقولنا : (أخوك قارئٌ درسَه) ..
فهاتان الجملتان
تدلان على أمر يحدث معهما ، الأول رجل يقوم بحزم أمتعته ، والثاني أخ يقرأ
الدرس ، وهذه الأمور لا تكون صفة دائمة لهما ، أي أنهما لن يبقيا طول
دهرهما في حزم الأمتعة وقراءة الدرس ، بل إن تلك الأمور ستتبدل وتتغير ،
وهذا واضح جدا ..
أما الصفة المشبهة فتصاغ للدلالة على شيء ثابت في
الشخص أي أنك عندما تصوغ الصفة المشبهة من الفعل فإنك تريد أن تخبر عن
الشخص بأمر ثابت فيه كقولنا : (أبوك كريمٌ حسبُه) وقولنا : (مررت برجل
طيبةٍ أفعالُه) ..
فهاتان الجملتان تدلان على أمر ثابت فيهما ،
الأول أبٌ كريم الحسب وهذا وصف لا يتغير ولا يتجدد بل هو ثابت فيه دائما ،
وكذلك الرجل صاحب الأفعال الطيبة فإنها أفعال ثابتة فيه لا تتغير وليست
حادثة الآن ، لأنه لما اشتهر بتلك الأفعال صارت ثابتة فيه ، فجئنا بالجملة
على صيغة الصفة المشبهة ، لأننا لا نصف بها إلا الأشياء الثابتة ، بخلاف
اسم الفاعل الذي لا نصف به إلا الأشياء الحادثة والطارئة ..
الآن لو جاء الوصف على وزن (فاعل) فهل نستطيع التفريق بين اسم الفاعل والصفة المشبهة ؟؟
إذا
عدنا إلى الكلام السابق فإنه سيسهل علينا جدا معرفة الفرق ، وذلك لأننا قد
عرفنا أن اسم الفاعل يدل على الحدوث والتغير ، والصفة المشبهة تدل على
الثبوت والدوام ، وإذ قد صح ذلك فإننا ننظر في الاسم إذا كان وصفا ثابتا في
الشخص لا يتغير فهو صفة مشبهة ، وإذا كان مجرد حدث طارئ ليس ثابتا فهو اسم
فاعل ..
وخذ هذين المثالين اللذين يدلان على الصفة المشبهة مع أنهما على وزن فاعل :
نقول : (زيدٌ طاهرٌ خُلُقُه) جاء الاسم (طاهر) على وزن فاعل ومع ذلك ليس اسم فاعل بل صفة مشبهة ، لماذا ؟
لأن طهارة الأخلاق صفة ثابتة في زيد ، وليست مجرد حادثة عابرة طرأت عليه ..
ونقول : (رأيت رجلا معتدلةً طباعُهُ) جاء الاسم (معتدلة) على وزن فاعل ، ومع ذلك ليس اسم فاعل بل صفة مشبهة ، لماذا ؟
لأن اعتدال الطباع صفة ثابتة في ذلك الرجل ، وليست مجرد صفة عابرة طرأت عليه ..
والخلاصة
هي أن العرب ينظرون في الصفات ، فإذا كانت ثابتة ودائمة في الشيء الموصوف
جاءوا بالصفة المشبهة ، وإذا كانت حادثة ومتغيرة جاءوا باسم الفاعل ، أي
أنَّ :
((((كل ما كان ثابتا دائما فهو صفة مشبهة حتى لو جاء على وزن فاعل ، وكل ما كان حادثا طارئا فهو اسم فاعل)