متن الحديثعن أبي هريرة رضي
الله عنه أن
رسول الله قال : ( قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك ) تخريج الحديث رواه البخاري و مسلم .
منزلة الحديثهذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تحث على
الصدقة والبذل والإنفاق في سبيل
الله ، وأنها من أعظم أسباب البركة في الرزق ومضاعفته ، وإخلاف
الله على العبد ما أنفقه في سبيله .
شرح الحديثجاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل
الصدقة و
الإنفاق في سبيل
الله ، وتحث المسلم على البذل والعطاء ابتغاء الأجر الجزيل من
اللهسبحانه ، فقد جعل الله الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله
المحسنين ، فقال عنهم : { إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ، كانوا قليلاً من
الليل ما يهجعون ، وبالأسحار هم يستغفرون ، وفي أموالهم حق للسائل
والمحروم } ( الذاريات 16-19) وضاعف العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا
أضعافاً كثيرة في الدنيا والآخرة فقال سبحانه : { من ذا الذي يقرض الله
قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة } ( البقرة 245) .
والصدقة من أبواب الخير العظيمة ، ومن
أنواع الجهاد المتعددة ، بل إن الجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في
جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد إلا في موضع واحد ، يقول - اضغط على
الصورة لرؤيتها بالحجم الطبيعي - : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم
وألسنتكم ) رواه أبو داود .
وأحب الأعمال إلى الله كما جاء في الحديث
( سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كرباً ، أو تقضي عنه ديناً، أو تطرد عنه
جوعاً ) ، رواه البيهقي ، وحسنه الألباني .
والصدقة ترفع صاحبها حتى توصله أعلى
المنازل ، قال : ( إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً
فهو يتقي فيه ربه ، ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل
المنازل... ) رواه الترمذي .
كما أنها تدفع عن صاحبها المصائب
والبلايا ، وتنجيه من الكروب والشدائد ، وفي ذلك يقول : ( صنائع المعروف
تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل
المعروف في الآخرة ) رواه الحاكم وصححه الألباني ، أضف إلى ذلك إطفاؤها
للخطايا وتكفيرها للسيئات ، ومضاعفتها عند الله إلى أضعاف كثيرة ،
ووقايتها من عذاب الله كما جاء في الحديث ( اتقوا النار ولو بشق تمرة )
رواه البخاري وغير ذلك من الفضائل .
ومن فضائل الصدقة التي دل
عليها هذا الحديث القدسي مباركتها للمال ، وإخلاف الله على صاحبها بما هو
أنفع له وأكثر وأطيب ، وقد وعد سبحانه في كتابه بالإخلاف على من أنفق
والله لا يخلف الميعاد قال تعالى : {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو
خير الرازقين }(سبأ 39)، أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم
، فإنه يخلفه عليكم في الدنيا بالبدَل ، وفي الآخرة بحسن الجزاء والثواب ،
فأكد هذا الوعد بثلاث مؤكدات تدل على مزيد العناية بتحقيقه ، ثم أتبع ذلك
بقوله :{وهو خير الرازقين } لبيان أن ما يُخْلِفه على العبد أفضل مما
ينفقه .