عبد الحميد شومان
رحل في براغ بتاريخ التاسع من شهر أيلول عام 1974 مؤسس البنك العربي وأول مؤسسة إقتصادية عربية كبيرة في فلسطين عبد الحميد شومان ، كانت فكرة إنشاء بنك عربي ، حلما راود خيال عصامي عربي فلسطيني ذكي أسمه عبد الحميد شومان، ولد في قرية بيت حنينا من قضاء القدس بفلسطين عام 1889، وتلقى تعليمه الأولي في الكتّاب، ولم يذهب بعده إلى مدرسة أخرى، بل أصبح عاملا في محاجر القرية، يكسب معيشته بنقل الصخور، وكانت موجات الهجرة إلى أميركا، من سوريا وفلسطين، وقد أشتدت في أواخر العهد العثماني، بسبب الضائقة الإقتصادية التي أحاقت بالبلاد، هاجر عبد الحميد شومان فيمن هاجر بحثا عن آفاق جديدة للأرتزاق، ووصل الولايات المتحدة الأميركية في صيف عام 1911، وعمل خلال الأيام الأولى بائعا متجولا، كما كان يفعل كثير من المهاجرين في بادية وصولهم، فإذا جمع شيئا من المال أفتتح محلا تجاريا صغيرا، ثم طوره تدريجيا إلى متجر كبير في نيويورك، وأطّلع هناك على ما تقدمه البنوك الأميركية من خدمات متنوعة، ولم ينقطع في الوقت نفسه عن متابعة أخبار وطنه، وفكّر بتأسيس بنك عربي، بعدما أطلق طلعت حرب في القاهرة بنك مصر عام 1920، في عام 1929 أسس مع طلعت حرب البنك المصري/الفلسطيني، وفي تلك السنة إندلعت في فلسطين الثورة، التي يسميها بعض المؤرخين ثورة البراق حيث إنتشرت الإضطرابات، ووقعت إشتباكات دامية بين أصحاب الأرض الفلسطينيين واليهود المهاجرين الجدد وسلطات الإنتداب البريطاني، مما حمل طلعت حرب على التراجع تاركاً شومان بمفرده، فمضى في تنفيذ الفكرة وحده ، وأسس البنك العربي مع ثمانية مساهمين وعشرة موظفين، وبرأسمال وقدره خمسة عشر ألف جنيه فلسطيني، وسجّل البنك رسميا في الحادي والعشرين من أيار/مايو العام1930، عانى البنك العربي من مشاكل عهد الإنتداب ومقاومة الصهيونية، وتحيز حكومة الإنتداب، لكنه أستطاع أن يواجه هذه الأحداث جميعا بقوة وصلابة، وأصبح من أكبر مصارف العالم، ومن أحسنها سمعة، رحل عبد الحميد شومان في مثل هذا اليوم عن خمسة وثمانين عاما، فقد تمكّن هذا العامل البسيط، شبه الآمي، بطموحه ومثابرته وإستقامته ووطنيته من بناء مؤسسة من أكبر المؤسسات الإقتصادية العربيّة .